تعبير عن الحرب والسلم في الشعر الجاهلي,شعر الحرب في العصر الجاهلي pdf,شعر الحرب عند العرب,شعر حماسي للحرب,شعر جاهلي عن السلام,شعر عن الحرب والشجاعة,شعر عن الحرب والسلام,شعر عن النصر في الحروب,شعر عن المعارك علي كوريكسا.
لفظة “الحرب”، وتجمع على حروب، هي اللفظة الشائعة المعروفة عند الجاهليين للخروج لمحاربة العدو والاصطدام به. وترادفها لفظة “ضر” وتجمع على “اضرو” في اللهجات اليمانية. وهناك لفظة أخرى هي “غزو” وتعني الخروج لمحاربة العدو. فهي في معنى الحرب والغزو. وترد في اللهجات العربية الجنوبية أيضاً. ويراد ب “غزت”، غزوات في عربيتنا، أي في حالة الجمع. وب “غزوي” غزوتين اثنتين. وأما لفظة ” هغرو” فتعني أغاروا على قوم، والغارة هي “هغر” في العربية الجنوبية.
لـو تـسـاءلـنـا مــا أســـباب هــذه الحروب؟ وما الدوافع الكامنة وراء قيامها؟ لوجدنا أن الاخـتـلاف على الماء والمرعى بسبب جفاف الصحراء وقلة الموارد من أهم هذه الأســـباب، كما حصل في يوم سفوان عندما التقى بنو مازن وبنو شيبان على ماء يقال له سفوان فزعمت كل قبيلة أنه لها .
وقد تشتعل الحرب رغبة في السلب والغارة؛ لأن هؤلاء الغزاة جعلوا أرزاقهم في رماحهم، ويصور لنا القطامي (وهو شاعر مخضرم) الفرسان وغاراتهم ، وديدنهم في السلب والغارة:
وكنّ إذا أغرن على جناب=وأعوزهن نهب حيث كانا
وأحـيـاناً على بكر أخينا=إذا مـا لـم نـجد إلا أخانا
وقد تشتعل الحرب نصرة لقريب وإن كان ظالماً أو مظلوماً، على الحقيقة وليس على المجاز من نصح أخيه وفي ذلك نصرته ، وربما عير الشاعر قبيلته من جراء تخليها عن نصرته ، قال قريط بن أنيف ، وكان بعض بني شيبان أغار على إبله ، فاستنجد بقومه فلم ينجدوه لجأ عندها إلى بني مازن من قبيلة تميم فأنجدوه :
لو كـنـت من مـازن لم تستبح إبلي=بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
إذاً لهبّ لنـصري مـعـشر خـشـن=عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا
لا يـسـألون أخاهم حـين يندبهم =في النائبات على ما قال برهانا
لـكن قـومـي وإن كانوا ذوي عدد =ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
فـليـت لي بـهـم قوماً إذا ركبـوا=شـدوا الإغارة فـرسـاناً وركـبانا
ولقد وصفوا الحرب وصفاً مسهباً فيه فخر واعتزاز فهذا عنترة بن شداد يصف وطأة الحرب وشدتها إذ يقول :
ولقد حفـظـت وصاة عـمـي بالضـحى=إذا تقلّص الشفتان عن وضح الفم
في حـومـة الـمـوت الـتـي لا تشـتكي=غـمـراتها الأبطال غـير تغـمـغم
لـمـا رأيـت الـقـوم أقـبـل جــمــعـهـم=يتذامرون كـررت غير مذمـم
يـدعـون عـنـتـرة والـرمـاح كــــأنـها=أشـطـان بئر في لبان الأدهـم
مــازلـــت أرمـيـهـم بــغــرة وجـهـه =ولـبانـه حـتـى تســربـل بالــدم
لــو كــان يــدري ما المحاورة اشتكى=ولـكـان لــو عـلـم الـكـلام مُكلمي
فقد شهد العصر الجاهلي حروبا كبرى مثل حروب الأوس والخزرج حتى بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحرب ابني وائل ، بكر وتغلب أربعين سنة في مقتل كليب ، ومن أمثالهم : هو أعز من كليب وائل، وهو كليب بن ربيعة التغلبي ، كان أعز العرب في دهره ، فقتله جساس بن مرة ، ففيه كانت حرب بكرٍ وتغلب ابني وائل ، وهي حرب البسوس .
وداحس والغبراء نحو أربعين سنة ، وحرب الكلاب الأولى والثانية ، وحروبات أخرى وصراعات ، وثأرات لاحصر لها ولاعد ، ولكن في ظل هذا التفاقم الحربي والعنف القبلي المتعاظم والدعوة إلى العصبية ، وإثارة النعرات القبلية ، وتأجيج الحروب ، وتزكية نارها ، برز دعاة للسلام ينشرون ثقافته وينذرون من خطر الحرب ، وينفرون منها ، فعندما وقعت حرب داحس والغبراء إثر رهان بين رجل من بني عبس يقال له قرواش وماري بن حمل بن بدر فقال حمل : الغبراء أجود ،
وقال قرواش: داحس أجود وحدث ماحدث واستمرت الحرب بين عبس وذبيان أربعين عاما ، والقصة طويلة لايسع المجال لذكرها يمكن الرجوع إليها في كتاب خزانه الأدب ، لعبد القادر البغدادي أو غيره .
كان زهير بن أبىسلمى من دعاة السلام والصلح ونبذ العنف في هذه الحرب يحذر من أضرارها الاجتماعية والبيئية والنفسية ، ومعلقته أكبر شاهد على ذلك :
سَعَى سَاعِيَا غَيْظِ بْنِ مُرّةَ بَعْدَمَا تَبَزَّلَ ما بَيْنَ العَشِيرةِ بِالدَّمِ
فَأَقْسَمْتُ بِالبيْتِ الذي طَافَ حَوْلَهُ رِجَالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وجُرْهُمِ
يَميناً لَنِعْمَ السَّيدَانِ وُجِدْتُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحيْلٍ وَمُبْرَمِ
تَدَارَكْتُما عَبْساً وذُبْيَانَ بَعْدَما تَفَانَوْا وَدَقّوا بَيْنَهم عِطرَ مَنْشَمِ
وَقَد قُلتُما إنْ نُدرِكِ السّلمَ واسِعاً بِمَالٍ وَمَعْرُوْفٍ مِنَ الأمرِ نَسْلَمِ
فَأَصْبَحْتُمَا مِنْها على خَيرِ مَوْطِنٍ بَعيدَيْنِ فيها مِنْ عُقُوقٍ وَمَأثَمِ
أَلاَ أَبْلِغِ الأَحْلافَ عَنِّي رِسَالةً وَذُبْيَانَ: هَلْ أَقْسَمْتُمُ كُلَّ مُقْسَمِ
وَمَا الحَرْبُ إلاّ ما عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ وَمَا هُوَ عَنْهَا بالحَديثِ المُرَجَّمِ
متى تَبْعَثُوها تَبْعَثُوهَا ذَمِيْمَةً، وَتَضْرَ إذا ضَرّيْتُمُوها فَتَضْرَمِ
فَتَعْركُكُمْ عَرْكَ الرِّحَى بِثِفَالِها وَتَلْقَحْ كِشَافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِمِ
فَتُنْتِجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كَلُّهُمْ كَأَحْمَرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ
وقد جرب عمرو بن معد يكرب الزبيدي الحرب في الجاهلية وكان أحد فرسانها الذين لا يشق غبارهم ، يشاركه في ذلك عنترة بن شداد ، ودريد بن الصمة ، وبعد تجارب مريرة مع الحرب ، وخوض غمارها ، وإدراك ما تجره من ويلات ، سأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الحرب ، فقال : مرة المذاق ، إذا قلصت عن ساقٍ ، من صبر فيها عرف ، ومن ضعف عنها تلف ، ثم أنشد:
الحَرْبُ أَوَّلَ ما تَكُونُ فُتَيَّة تَسْعَى بزينتَها لكُلّ جَهُولِ
حتَّى إِذَا اسْتَعَرَتْ وشَبَّ ضِرَامُها عادَتْ عَجُوزاً غَيْرَ ذاتِ خَليِل
شَمْطَاءَ جَزَّتْ رَأْسَها وتَنَكَّرَتْ مَكْرُوَهةً لِلشَّمِّ والتَّقبيل
أبيات شعر قصيرة عن الحرب
- قال أبو الطيب المتنبي:
ومن طلب الفتح الجليل فإنما ** مفاتيحه البيض الخفاف الصوارم
وقال أيضًا:
وما تنفع الخيل الكرام ولا القنا ** إذا لم يكن فوق الكرام كرام
أخا الحرب قد أتعبتها فاله ساعة ** ليغمد نصل أو يحل حزام
وإن طال أعمار الرماح بهدنة ** فإن الذي يعمرن عندك عام
وقال أيضًا:
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا ** فأهون ما يمر به الوحول
- وقال أبو تمام:
والحرب تعلم حين تجهل غارة ** تغلي على حطب القنا المحطوم
أن المنايا طوع بأسك والوغى ** ممزوج كأسك من ردى وكلوم
والحرب تركب رأسها في مشهد ** عدل السفيه به بألف حليم
في ساعة لو أن لقمانا بها ** وهو الحكيم لصار غير حكيم
- وقال عمرو بن معد يكرب:
الحرب أول ما تكون فتية ** تسعى بزينتها لكل جهول
حتى إذا استعرت وشب ضرامها ** عادت عجوزا غير ذات خليل
الشمطاء جزت رأسها وتنكرت ** مكروهة للشم والتقبيل
وقال أيضًا:
كل امرئ يجري إلى ** يوم الهياج بما استعدا
كم من أخ لي صالح ** بوأته بيدي لحدا
ذهب الذين أحبهم ** وبقيت مثل السيف فردا