شرح قصيدة اذا المرء لم يدنس؛ أمَّا عن قصة قصيدة “إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه” فيروى بأنّ الشاعر ذهب لخطبة فتاة من قبيلة، يقال بأنّ هذه الفتاة هي ابنة الملك المنذر عندما هربت من ظلم كسرى، فردته خائبًا بحجة أنّه من قبيلة قليلة العدد وضعيفة الجانب، فغضب السموأل منها ورد عليها بهذه القصيدة الرائعة التي يوضح من خلالها أنّ مقياس المرء القوة، والأفضلية بين القبائل ليس بكثرة العدد وأنّما تكون بالقوة والشجاعة والكرم، والأخلاق العالية والخصال الحميدة.
شرح قصيدة اذا المرء لم يدنس
نص قصيدة صيدة اذا المرء لم يدنس
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ
فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها
فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا
فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ
وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا
شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ
وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا
عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ
صَفَونا فَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّنا
إِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ
عَلَونا إِلى خَيرِ الظُهورِ وَحَطَّنا
لِوَقتٍ إِلى خَيرِ البُطونِ نُزولُ
التعريف بالشاعر
أمَّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة: فهو السموأل بن غريض الأزدي، يعد شاعرًا من شعراء العصر الجاهلي، وكان يشتهر بالحكمة، ولد في أواخر القرن الخامس الميلادي في مدينة “الحجاز” شمال المدينة المنورة، القرن السادس الميلادي نحو “560” ميلادي، في مدينة تيماء بالجزيرة العربية. من أهم القصص المتداولة عن السموأل بن حارث: هي قصة الوفاء التي دارت بينه وبين الشاعر امرؤ القيس، حيث أنّ امرؤ القيس قد جمع السلاح لكي يثأر لوالده “حجر بن الحارث” فجمع بعض الأسلحة وتركها أمانة عند السموأل.
تحليل الأبيات (1 – 6)
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل
المرء: الرجل ج الرجال ، والمراد : الإنسان ، والشاعر هنا يقصد نفسه
يدنس : يلوث ، يلطخ x يطهر ، ينظف ، ينقي
اللؤم : النية (اسم جامع للخصال المذمومة الدناءة ) × الترفع , الشرف
عرض : شرفه ، ما يفتخر الإنسان به من حسب أو شرف ج أعراض
يرتدي : يلبس × يخلع رداء : ثوب ج أردية جميل : حسن × قبيح
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه .
( استعارتان مكنيتان في الأولى : ( تصوير للؤم بقذارة تدنس العرض :
الثانية : ( تصوير للعرض بثوب أبيض نظيف يدنس ) وسر الجمال الصورة : التجسيم
المعنى أن الإنسان إذا لم يتدنس باكتساب اللؤم واعتياده فأي ملبس يلبسه بعد ذلك كان جميلا
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل
يحمل : يدفع ، يزيل يثبت
النفس : الذات ، الروح ، الجمع (نفوس، أنفس)
يحمل على النفس : يجهدها ، والمراد : يدفع عنها
ضيمها : ظلمها ، إذلالها x إنصافها ، عدلها
الثناء : المدح × الذم ، الهجاء سبيل : طريق ج ( سبل ، أسبلة )
إن لم تصبر النفس على مكارهها فلا سبيل إلى اكتساب حسن الثناء وليس معنی . الضيم ضيم الغير لهم لأنهم يأنفون من ذلك ويعدونه تذللا’
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها) : كناية عن الضعف والذل والهوان )
يحمل على النفس ضيمها) : استعارة مكنية فيها تجسيد للضيم والظلم بشيء مادي يحمل ويرفع) ، وتوحي الصورة بقبح الذل والخضوع والتنفير منه
تعيرنا أنا قليل عديدنا فقلت لها إن الكرام قليل
تعيرنا : تعيينا × تمنحنا
عديدنا : عددنا ج أعداد ، عدائد
الكرام : الشرفاء الكرام م كريم x اللثام
تعيرنا : أسلوب خبري ، غرضه : التقليل من شأن قبيلته وبيان ضعفها
عيرته أنهم أقلاء العدد وأنكرت منهم قلة عددهم فعدته عارا فأجابها إن الكرام يقلون وقوله إن الكرام قليل يشتمل على معان كثيرة وهي وقوع الدهر بهم وقصد الموت إياهم واستقبالهم في الدفاع عن أحسابهم وإهانتهم کرائم نفوسهم مخافة لزوم العار بهم فكل ذلك يقلل العدد
وما قل من كانت بقاياه مثلنا شباب تسامى للعلی وکهول
الكرام : الشرفاء (م) گریم
بقاياه : رجاله (م) بقية
مثل : شبيه (ج) أمثال
تسامی : تباری ، تعالى ، تفاخر ، ارتفع
العلا : الرفعة والشرف
کهول مفردها کهل ، وهو من تراوح عمره بين الثلاثين والخمسين
وما قل من كانت بقاياه مثلنا ( كناية عن العزة والشرف )
شباب ، کهول (طباق إيجابي )
يرد الشاعر بحكمة على من تعيره بقلة عدد قبيلته نافيا أن عددهم ليس بالقليل و خصوصا أن رجالهم شبابا و شيبا يسعون دائما للعلا
وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل
” أنا قليل وجارنا عزيز و جار الأكثرين ذليل) : محسن بديعي مقابلة يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد
جارنا عزیز) : كناية عن صفة القوة لمن يجاور قبيلة الشاعر القوية و يستظل بحمايتها .
جار الأكثرين ذليل : كناية عن صفة الضعف عند الأعداء على الرغم من كثرتهم .
ذليل ، قليل محسن بديعي / جناس ناقص يعطي جرسا موسيقا و إيقاعيا
إن قلة العدد لم تكن ضرر لنا ونحن أولو بأس و قوة يعيش جارنا في حمايتنا عزيزا في حين أن هناك قبائل أخرى كثيرة العدد تعيش في ضعف و جيرانهم في ذل لعجزهم عن حمايتهم
لنا جبل يحتله من نجيره منيع يرد الطرف وهو كلیل
منيع : قوي لايقدر الأعداء على اختراقه
نجیره ( نعينه ونساعده )
كليل : ( صفة مشبهة تدل على الثبوت )
جبل منيع ( كناية عن القوة )
قيل إنه أراد بذكر الجبل ( جبل العز والسمو وقيل إن هذا الجبل هو حصن السموأل الذي يقال. له الأبلق الفرد يعني من دخل في جوارنا امتنع على طلابه ‘
رسا أصله تحت الثرى وسما به إلى النجم فرع لا ينال طويل
رسا (ثبت واستقر)
الثرى (التراب)
سما ( علا وارتفع ) x انخفض
لا ينال (لا يمكن الوصول إليه ) كناية عن الرفعة والمكانة العالية
يتحدث عن جبل ( الأبلق ) قائلا أن هذا الجبل ثابت و ممتد أصله تحت الأرض و هذا دليل على قوته كما أنه مرتفع جدا عن سطح الأرض حيث لا يمكن للأعداء اختراقه
وما مات منا سيد حتف أنفه ولا طل منا حيث كان قتيل
وما مات منا سيد حتف أنفه ( كناية عن الفروسية و الشجاعة و القوة )
يقال مات فلان حتف أنفه إذا مات من غير قتل و لا ضرب قيل إن أول من تكلم بقولهم حتف أنفه النبي – صلى الله عليه وسلم – و معنى البيت أنا لا نموت و لكن نقتل و دم القتيل منا لا يذهب هدرا .