يقصد بتعبير “التمييز العنصري” أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم علي أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، علي قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.
يحدث التمييز العنصري والإثني يوميا، فيعيق تقدم الملايين من الناس في كافة أنحاء العالم. وبدءا من حرمان الأفراد من مبادئ المساواة وعدم التمييز الأساسية إلى تغذية الكراهية الإثنية التي قد تؤدي إلى الإبادة الجماعية، تعمل العنصرية والتعصب على تدمير حياة المجتمعات. ويعتبر النضال ضد العنصرية مسألة تتصف بالأولوية للمجتمع الدولي، ويكمن في جوهر عمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
لقد كانت الأمم المتحدة معنية بهذه القضية منذ تأسيسها، وحظر التمييز العنصري مذخور في جميع الصكوك الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان. وتلقي هذه الصكوك بالتزامات على عاتق الدول وتكلفها باستئصال شأفة التمييز في النطاقات العامة والخاصة. كما أن مبدأ المساواة يتطلب من الدول أن تعتمد تدابير خاصة للقضاء على الظروف التي تسبب التمييز العنصري أو تساعد على استدامته.
مكافحة التمييز العنصري
قانون التمييز العنصري يعمل قانون التمييز العنصري على حماية الأشخاص من التمييز العنصري، والقضاء عليه في العديد من مجالات الحياة العامة، ومن أبرزها:
- العمل: حيث يتم من خلال الحصول على وظيفة، والتدريب، والترقية، والإقالة وغيرها.
- التعليم: عن طريق الالتحاق بالمدارس، والكليات ، والجامعات، وغيرها.
- الإقامة: عن طريق إعطائهم الحق باستئجار أو شراء المنازل.
- الحصول على الخدمات: كالخدمات المصرفية والتأمين، وخدمات الدوائر الحكومية، والنقل، والاتصالات وغيرها. الوصول إلى الأماكن العامة: كالحدائق، والمطاعم، والأسواق والفنادق وغيرها.
أحترام أحكام الاتفاقيات ضرورى، ومن بين هذه الأحكام انتهاج سياسة للقضاء على التمييز العنصرى بكافة أشكاله ولتحقيق المساواة بين البشر، وليس فقط الامتناع عن «إتيان أعمال أو ممارسات التمييز العنصرى». التقارير الدورية التى تنص عليها المادة التاسعة من الاتفاقية عن التدابير التى تتخذها إعمالا للأحكام الواردة فيها إلى الأمين العام للأمم المتحدة الذى يحيلها إلى لجنة القضاء على التمييز العنصرى المنشأة لمتابعة تنفيذ أحكام الاتفاقية. غير أن سد الخانات الشكلى ليس هو المرام. المطلوب سياسة حقيقية وفعالة للقضاء على التمييز العنصرى.
مظاهر التمييز العنصري
التمييز المباشر: عندما يقع تمييز صريح بين جماعات من الناس، وينتج عنه أن أفراداً في بعض الجماعات يصبحون أقل قدرة من غيرهم على ممارسة حقوقهم. فعلى سبيل المثال، إن وجود قانون يقتضي من النساء، وليس الرجال، تقديم إثبات على التمتع بمستوى معين من التعليم كشرط مسبق للتصويت من شأنه أن يشكل تمييزاً مباشراً على أساس النوع الاجتماعي.
التمييز غير المباشر: عندما يتم وضع قانون أو سياسة أو ممارسة بصيغة محايدة (أي بدون تمييز صريح) لكنه ينطوي على غبن لفئة أو فئات محددة بصورة غير متناسبة. على سبيل المثال إن القانون الذي يقتضي من كل شخص تقديم إثبات على التمتع بمستوى معين من التعليم كشرط مسبق للتصويت يُحدث تأثيراً ينطوي على تمييز غير مباشر ضد الفئات أو الجماعات الأقل حظاً في الحصول على مستوى التعليم المطلوب (من قبيل الجماعات العرقية المحرومة أو النساء).
التمييز المتعدد الجوانب: عندما تجتمع عدة أشكال من التمييز معاً وتؤدي إلى إحداث ضرر أكبر على فئة أو فئات معينة. فعلى سبيل المثال، إن التمييز المجحف ضد المرأة كثيراً ما يعني أنه يتم دفع أجور أقل للمرأة من أجور الرجل نظير العمل نفسه. وغالباً ما ينجم عن التمييز ضد أقلية عرقية ما دفع أجور لأفراد تلك الفئة أقل من أجور الآخرين الذين يقومون بالعمل نفسه. وعندما تحصل النساء اللائي ينتمين إلى جماعة أقلية معينة على أجور أقل من النساء الأخريات اللائي ينتمين إلى جماعة أخرى وأقل من أجور الرجال الذين ينتمون إلى الأقلية نفسها، فإن ذلك يعني أنهن يعانين من تمييز متعدد الجوانب على أسس الجنس والنوع الاجتماعي والعِرق.
التمييز العنصري في الإسلام
شدد علماء الدين على أن الدين الإسلامي الحنيف، حارب العنصرية بشتى أنواعها وأشكالها منذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أعلنها القرآن الكريم صريحةً، بأن التفاضل بين البشر لا يكون إلا بميزان التقوى، مشيرين إلى أن الدين الحنيف دعا إلى القضاء على كل الفوارق والطبقات وجعل الناس كلهم سواسية، وأزال وأذاب الفوارق التي تقوم على أساس من الجنس أو العرق أو اللون. فالعنصرية هي التفرقةُ والتمييز في المعاملة بين الناس على أساس من الجنس، أو اللون، أو اللغة، أو الدين، أو حتى المستوى الاجتماعي والطبقي، وأول من نادى بالعنصرية هو إبليس، حيث قال حينما أمره الله تعالى بالسجود لآدم: «أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين»، «ص:76».
لا شك أن الجميع سمع كلام الله سبحانه حيث يقول: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
قول الرسول الذي لا ينطق عن الهوى أيها الناس : إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعاظمها بالآباء .. كلكم لآدم وآدم من تراب .. ليس لعربي فضل على أعجمي ، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى).
وقال : إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. رواه مسلم.
فقد قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات:53}، فهذا حكم من له الحكم وقضاء من لا معقب لقضائه ولا نقض لأمره، وخلاف هذا من التمييز العنصري لونا وجنسا ونسبا وبلدا كله باطل جاهلي جاءت شريعة الإسلام بدفنه وإنهاء مظاهره المسلحة بسلاح الجاهلية، والأدلة من القران والسنة على إذابة الفوارق العنصرية كثيرة جدا، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (والناس بنو آدم وآدم من تراب)